فصول

 

مرتفعات مكسوة بالثلوج.. ومنتجعات وشاليهات لمحبي الطبيعة والتزلج

شتاء لبنان أبيض

يمتد موسم التزلّج في لبنان مدى أربعة أشهر تقع بين منتصف شهر ديسمبر وأوائل شهر أبريل.

بيروت: إبراهيم الرز

§ يعد لبنان من الدول القليلة في منطقة الشرق الأوسط المجهزة لممارسة مختلف أنواع الرياضات الشتوية

§ تم إنشاء أول مصعد تزلّج في الخمسينيات في منتجع الأرز

§ منتجع فآريا يبقى الأهم مزارًا ببنيته التحتية ذات المستوى العالمي

§ «حديقة الثلوج» أشبه بحضانة أطفال مجهزة أحدث تجهيز بكل ما يحب الأطفال من وسائل تعليم التزلج

 

«سويسرا الشرق» تسمية أطلقت على لبنان قبل عقود، خصوصًا خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي التي تميزت بانفتاح اقتصادي واجتماعي وسياحي. هذه التسمية فقدت الكثير من مضمونها مع تعاقب الأحداث، لكنها ما زالت تصحّ عند التطرق إلى مرتفعات لبنان الشاهقة المكسوّة بالثلوج ومنتجعاته التي توفر سياحة شتوية بامتياز.

يعد لبنان من الدول القليلة في منطقة الشرق الأوسط المجهزة لممارسة مختلف أنواع الرياضات الشتوية، خصوصًا في مناطق تؤمن لروادها الإقامة في فنادق وشاليهات فخمة. لذا تستقطب المنتجعات الشتوية عددًا كبيرًا من السياح العرب والأجانب، إضافة إلى اللبنانيين الذين يقصدون مناطق فاريا، عيون السيمان، والأرز، وفقرا، والزعرور، واللقلوق، وقناة باكيش في الفترة الممتدة من ديسمبر «كانون الأول» حتى أبريل «نيسان» بهدف ممارسة هواياتهم المفضلة.
والمعروف أن كل سائح زار لبنان ذهل لدى اكتشافه أن هذا البلد هو المكان الوحيد في العالم الذي يمكن التزلّج فيه على الثلج في الصباح والانطلاق للسباحة في مياه البحر المتوسط بعد الظهر. ويعزى ذلك إلى المناخ المعتدل الذي يتمتع به لبنان وإلى جباله التي ترتفع فوق ساحل ضيق، بحيث لا يبعد أعلى مركز للتزلّج عن الشاطئ سوى كيلومترات قليلة، ما يضفي روعة على المناظر المشرقة خلال الطقس الصافي.
لعل أبرز ما يلفت نظر السائح إلى لبنان خلال فصل الشتاء هو رياضة التزلج. وقد انتشر الإقبال على هذه الرياضة في لبنان منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وتم إنشاء أول مصعد تزلّج في الخمسينيات في منتجع الأرز.

المراكز الشتوية

أما مراكز الرياضات الشتوية، حاليًا، فتتوزع على ستة منتجعات يتخللها عدد من المنحدرات الصالحة للتزلّج، ومراكز مخصصة لتلبية حاجات المتزلّجين وراكبي ألواح التزلّج ذوي المهارات المختلفة.
وبالإضافة إلى ميادين التزلّج. توفر تلك المنتجعات لهواة تزلج العمق ومسارات السير على الثلج فرصة لاستكشاف المساحات المخصصة لهذين النوعين من الرياضة. وهكذا نرى أن لكل هاوٍ يزور لبنان ما يتناسب وحاجاته. ويتسم كل منتجع في لبنان بطابع خاص يميزه عن غيره. إلا أن منتجع فاريا، مزار يبقى الأهم ببنيته التحتية ذات المستوى العالمي، ويتميز منتجع الأرز بجوّه الساحر الخلاب. وهما المكانان اللذان يستقطبان أكبر عدد من السائحين.
وتعدّ منطقة فاريا، عيون السيمان، التي تبعد عن العاصمة بيروت بـ46 كيلومترًا، من أهم مراكز التزلج في لبنان والشرق الأوسط. فعروس محطات التزلج تستقبل نحو 4000 زائر يوميًا في نهاية الأسبوع. وهي تحتوي على 16 حلبة تزلج تتناسب مع مختلف مستويات المتزلجين وتقدم كل الخدمات بمستوى راق ووسائل ترفيه متعددة مثل «سكي دو» و«سنوموبيل»، وهي عبارة عن عربات للانتقال السريع عبر الجليد، والتلفريك الذي يقل الأشخاص إلى القمم.
ومن أعالي فاريا، وتحديدًا من الموقع المعروف بالمزار يمكن التمتع بمشهد رائع يمتد من سهل البقاع وجبل الشيخ إلى شاطئ المتوسط وبيروت في أثناء ممارسة إحدى الرياضات المتوافرة في المنتجع. ذلك لأن بارك الثلوج هو قبلة محبي المغامرة والإثارة، وقد خصص لتدريب المتزلجين بدءًا من عمر 14 سنة على ممارسة رياضة التزلق. كما يضم «حديقة الثلوج» وهي أشبه بحضانة أطفال مجهزة أحدث تجهيز بكل ما يحب الأطفال من وسائل تعليم وتسلية للانتقال من مرحلة اللعب على الثلج إلى مرحلة ممارسة التزلج بمساعدة حادقات متخصصات. وتفتح الحديقة أبوابها من الساعة الثامنة صباحًا حتى الثانية بعد الظهر، ما يتيح للأهل التزلج مطمئنين على أولادهم. وتصل مساحة منتجع فاريا المزار إلى ثمانين كيلومترًا.

موسم التزلج

يمتد موسم التزلّج في لبنان مدى أربعة أشهر تقع بين منتصف شهر ديسمبر وأوائل شهر أبريل، وتوازي هذه الفترة بامتدادها فترة موسم التزلّج في جبال الألب. أضف إلى ذلك أن هذا المنتجع يشهد إقبالًا على الحجوزات من قبل المتزلّجين وراكبي ألواح التزلّج، وهواة ركوب العربات الثلجية، ومحبي التزلّج العمق القادمين من مختلف أنحاء العالم. كما يتراوح ارتفاع حلبة التزلج بين 1850 مترًا و2465 مترًا. ومن أعالي هذه الحلبة ومن الموضع المعروف بالمزار، يمكن للناظر أن يمتع الطرف بمشهد رائع يمتد من سهل البقاع وجبل الشيخ إلى منطقة اللقلوق والأرز. وفي الأيام الصافية، يمكن مشاهدة منطقة الساحل بما فيها العاصمة بيروت في بعض الأحيان. أما الذين يرغبون في قسط من الراحة بعد التزلّج، فبإمكانهم أن يجدوا ضالتهم في العديد من النشاطات الخاصة والرحلات التي تنظمها عدة شركات.
والجدير بالذكر أن المتزلّج المحترف، يحتاج في منتجع فاريا المزار إلى يومين على الأقل ليجتاز أفضل حلبات التزلج والانطلاق بعدها للبحث عن مسارات جديدة. ويقدم المنتجع، أيضًا، لمحبي المغامرات فرصة لإضفاء بعض السحر على نهارهم من خلال الخدمات التي تقدمها مدرسة التزلّج عبر دليل يساعد المتزلجين في الكشف عن مناطق مثيرة للحماس. أما المتزلّجون متوسطو المهارة، فيخصص لهم المنتجع عددًا من النشاطات الممتعة والمسلية، كما أنه المكان المثالي للمبتدئين بفضل المنحدرات المنخفضة والعريضة التي تسهل عملية تعلّم التزلّج.
أما منتجع الأرز فيفوق سائر مراكز التزلج في لبنان بروعة مشاهده ونوعية ثلجه. وهو يقع في شمالي لبنان على بعد ساعتين من العاصمة بيروت. ويمتاز هذا المنتجع بفضل موقعه الذي يعلو حوالى 2000 متر عن سطح البحر، بطول فترة موسم التزلج فيه، وبالتالي بقدرته على استضافة المتزلّجين لفترة أطول تمتد من أوائل شهر نوفمبر إلى أواخر شهر أبريل في معظم الأحيان. هو منتجع جميل، يتوفر في إحدى ساحاته الواسعة عدد من المصاعد الموضوعة في خدمة المتزلجين، بالإضافة إلى مصاعد مقعدية حديثة تم إضافتها في عام 2006. تكثر في منتجع الأرز رياضات التزلّج التي تنطلق من خارج الحلبة نزولًا من أعالي قمة الجبل هناك، وكذلك سباقات التزلّج التي تضفي جوًا من المتعة على نشاطات المنتجع. أما بالنسبة للمبتدئين، فيشكل منتجع الأرز جنة حقيقية لهم بفضل المنحدرات السهلة والمصاعد السلكية. ويعد هذا المنتجع المكان المثالي لممارسة رياضة التزلج العمق، حيث يتسنى للمتزلجين التمتع بجمال الطبيعة الخلابة المحيطة بهم. إضافة إلى ذلك، تعد رحلات العربات الثلجية «سنوموبيل» من الرياضات الشائعة في هذا المنتجع.
ومن مراكز التزلج المهمة في لبنان منتجع الزعرور الذي يعلو 1250 مترًا عن سطح البحر ويضم ما بين 300 و400 شاليه شتوية كلفة استئجار الواحدة 150 دولارًا ليوم واحد و450 دولارًا لأسبوع كامل. ويعد منتجع الزعرور مركز تزلج خاصًا لا يحق سوى للمشاركين أو مدعويهم الدخول إليه والتمتع بالنشاطات المتوافرة فيه. وهو يضم ثلاث حلبات للتزلج، إضافة إلى إمكانية ممارسة «السكي دو». وهناك ناد يتوافر فيه مسبح بمياه دافئة ومعدات رياضية مختلفة.
وفي بلدة فقرا الراقية التي تعلو حوالي 1750 مترًا عن سطح البحر يقوم منتجع «فقرا كلوب» الشهير الذي شيّد عام 1974 وساهم في تصميمه مهندسون سويسريون، ويضم حوالي 350 فيلا وفندق «اوبيرج دو فقرا» الذي يقصده اللبنانيون والسياح بعد التمتع بالتزلج على حلبات فقرا وممارسة هواياتهم الشتوية في أفخم المناطق اللبنانية وأغلاها.
إلا أن منتجع فقرا مخصص فقط للمشتركين وذويهم ولمن يحمل بطاقة دعوة، يصل ثمنها إلى 35 دولارًا لتمضية يوم كامل والتمتع بالرفاهية في أحضان طبيعة خلابة.
أخيرًا، لن ننسى مركزي التزلج في اللقلوق وقناة باكيش اللذين يستقطبان هواة هذه الرياضة بأعداد كبيرة، ويوفران، كسائر المراكز، الخدمات الممتازة مع الطبيعة الخلابة. فقناة باكيش تقع قبالة جبل صنين على ارتفاع 1904 أمتار، ويحتوي مركز التزلج على حلبات مخصصة للكبار والصغار، كما تمارس رياضات شتوية عدة كالسنوبورد snowboard والـ«سكي دو».

تاريخ التزلج في لبنان

تعرف اللبنانيون على رياضة التزلج للمرة الأولى عام 1913 حين عاد اللبناني رامز غزاوي الذي يدرس الهندسة في سويسرا إلى بلاده محترفًا هذه الهواية وعمل على نشرها ضمن حدود إمكاناته عبر تشجيع رفاقه في مدينة عاليه على ممارستها.
كما قام الفرنسيون في فترة الانتداب بالاستفادة من منحدرات ضهر البيدر وصنين وجبل الكنيسة ومارسوا التزلج في تلك الأماكن المشهورة التي تتساقط الثلوج عليها خلال موسم الشتاء.
أما أول ناد للتزلج فهو «النادي اللبناني» وقد أسس على أيدي كل من اندريه كاشو، ومنير عيتاني، وايمي كتانة، وموريس ثابت عام 1934. تلاه بعد سنة إنشاء أول مدرسة للتزلج في الأرز بمبادرة فرنسية.